
هل يمكن للضوء الأزرق المنبعث من هاتفك أن يغيّر شيئًا داخل دماغك؟
ربما يبدو الأمر مبالغًا فيه للوهلة الأولى، لكنه مدعوم بدراسات علمية تكشف أن ما تراه أعيننا ليلاً لا يمرّ مرور الكرام داخل أجسامنا.
في عام 2019، نُشرت دراسة من جامعة هارفارد، سلّطت الضوء على تأثير الضوء الأزرق على الخلايا العصبية. المفاجأة كانت أن هذا الضوء, دون أي محفّز كيميائي أو كهربائي كان كافيًا لتنشيط جينات داخل خلايا دماغية بشرية مزروعة في المختبر.
من بين هذه الجينات:
- Fos: جين يرتبط بالنشاط العصبي والاستثارة الذهنية.
- BDNF: جين مسؤول عن نمو الخلايا العصبية وتنظيم الذاكرة والمزاج.
كيف يحدث ذلك؟
عند تعرّض العين للضوء الأزرق, خصوصًا في المساء يتلقى الدماغ إشارة ضوئية تُفسَّر بيولوجيًا كأن "النهار لم ينتهِ بعد".
تصل هذه الإشارة إلى النواة فوق التصالبة (SCN)، وهي المركز المسؤول عن ضبط الساعة البيولوجية.
فتُثبّط إفراز الميلاتونين (هرمون النوم)، ويبدأ الجسم في إفراز هرمونات أخرى تحفّز النشاط، مثل الكورتيزول.
لكن الأخطر من اضطراب النوم هو أن هذه الإشارات تُغيّر نمط التعبير الجيني في الدماغ، وتعيد برمجة توقيت عمل بعض الجينات، مثل تلك المرتبطة بالمزاج، والذاكرة، والتركيز.
وهذا ما قد يُفسّر تزايد مشاعر القلق، أو صعوبة النوم، أو حتى الإرهاق العقلي بعد استخدام الهاتف ليلًا.
ما الذي يعنيه هذا لنا؟
تُظهر هذه النتائج أن الضوء ليس مجرد عامل "خارجي" يؤثر على الإيقاع الحيوي، بل يمتلك القدرة على تعديل الجينات التي تنظّم حالتنا النفسية والعقلية.
وقد أشارت دراسات أخرى إلى أن التعرّض المزمن للضوء الأزرق ليلًا قد يُضعف المناعة، ويُسرّع الشيخوخة الخلوية، ويرفع خطر الإصابة بالاكتئاب وفقًا لدراسة نشرت في Nature Reviews Neuroscience.
كيف تحمي نفسك؟
- تجنّب استخدام الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل.
- استخدام فلاتر الضوء الأزرق أو نظارات حجب الضوء.
- تعرّض لضوء طبيعي صباحًا لدعم الساعة البيولوجية.
- حافظ على مواعيد نوم واستيقاظ منتظمة.