في السنوات الأخيرة، برزت تقنية "العضو على شريحة" (Organ-on-a-Chip) كإحدى الابتكارات الواعدة في مجال الطب الحيوي. تقوم هذه التقنية على تطوير نظام حيوي مصغّر يُحاكي بيئة ووظائف أحد أعضاء الجسم البشري داخل شريحة دقيقة تشبه إلى حد كبير رقاقة إلكترونية.
تُصمَّم هذه الشرائح لتحتوي على خلايا بشرية حيّة تُزرع داخل قنوات دقيقة تُحاكي شكل ووظيفة الأوعية الدموية. وتُجهّز هذه القنوات بحيث تسمح بتدفّق السوائل الحيوية، ما يخلق بيئة فيزيولوجية شبيهة بالبيئة الطبيعية داخل الجسم. كما يمكن التحكّم في الظروف الكيميائية والميكانيكية مثل درجة الحرارة، وتركيز الأكسجين، ومستوى الضغط أو تدفّق السائل، بما يتيح دراسة تأثير هذه العوامل على الأنسجة الحية.
الاستخدامات الرئيسية:
- اختبار الأدوية: تُستخدم التقنية لتقييم فعالية العلاجات الجديدة وآثارها الجانبية على الأنسجة البشرية، دون الحاجة لتجارب على البشر أو الحيوانات، ما يجعلها بديلاً أكثر أمانًا وأخلاقيًا.
- دراسة الأمراض: تُتيح محاكاة تطوّر الأمراض المزمنة مثل السرطان أو الأمراض المعدية مثل كوفيد-19 ضمن بيئة يمكن مراقبتها بدقّة.
- الطب الشخصي: يمكن استخدام خلايا مأخوذة من مريض بعينه لإنشاء نموذج "عضو على شريحة" خاص به، بهدف اختبار العلاجات الأكثر ملاءمة لحالته الفردية.
- بديل للتجارب الحيوانية: تُسهم في تقليل الاعتماد على النماذج الحيوانية، وتُقدّم بيانات أكثر دقّة حول كيفية استجابة الجسم البشري الحقيقي للعلاجات.
لماذا تُعد هذه التقنية ثورية؟
بخلاف النماذج التقليدية المستخدمة في المختبرات، تُقدّم تقنية "العضو على شريحة" نموذجًا ثلاثي الأبعاد يعكس البيئة الخلوية والوظيفية الحقيقية داخل الجسم. وهذا ما يجعلها أداة قوية في تسريع البحث العلمي، وتطوير أدوية أكثر دقة وأمانًا، وتعزيز فهمنا للعمليات البيولوجية المعقّدة.
تقنية صغيرة الحجم، لكن إمكاناتها هائلة… وقد تكون المفتاح لتطوير جيل جديد من العلاجات المخصصة والطب التنبؤي.
المصدر: Farhang Doost N, Srivastava SK. A Comprehensive Review of Organ-on-a-Chip Technology and Its Applications.