ساعة الشيخوخة البيولوجية - التيلوميرات

ساعة الشيخوخة البيولوجية - التيلوميرات

حيوية | March 15, 2025 بواسطة أميرة خليفة

أميرة خليفة
أميرة خليفة
منذ شهر
مشاركة:
ساعة الشيخوخة البيولوجية - التيلوميرات

 التيلوميرات: ساعة الحياة داخل خلايانا

داخل كل خلية من خلايانا، يوجد الحمض النووي (DNA)، الذي يحوي الشيفرة الوراثية المسؤولة عن تنظيم النمو ووظائف الجسم. يُرتَّب هذا الحمض داخل الكروموسومات، وهي هياكل حلزونية طويلة تعمل على حفظ استقرار المادة الوراثية أثناء انقسام الخلايا.

في نهايات هذه الكروموسومات، توجد التيلوميرات، وهي تسلسلات متكررة من النيوكليوتيدات، مكوّنة في البشر من تكرارات TTAGGG. تعمل هذه التيلوميرات كحاجز واقٍ، يشبه أطراف أربطة الحذاء، حيث تمنع تآكل الكروموسومات أو التصاقها ببعضها البعض، مما يحافظ على استقرار الجينوم وسلامة الخلايا أثناء تجددها المستمر.

لماذا تتقلص التيلوميرات؟

التيلوميرات ليست مجرد أجزاء زائدة في نهايات الكروموسومات، بل تشكل حاجز أمان يحمي المعلومات الوراثية أثناء انقسام الخلايا. ومع كل انقسام، تفقد التيلوميرات جزءًا صغيرًا من طولها. في البداية، لا يكون لهذا التأثير كبير، لكن عندما تصبح التيلوميرات قصيرة جدًا، تفقد قدرتها على حماية الكروموسومات، مما يؤدي إلى اختلال في وظيفة الخلية.

عند هذه المرحلة، يكون أمام الخلية أحد المصيرين: إما أن تتوقف عن العمل وتدخل في حالة تُعرف بـ الشيخوخة الخلوية (Cellular Senescence)، حيث تفقد قدرتها على أداء وظيفتها بكفاءة، أو تموت تمامًا. ينتج عن ذلك ضعف قدرة الأنسجة على التجدد، مما يسرّع من ظهور علامات الشيخوخة، مثل ضعف العضلات، تجاعيد الجلد، وتراجع وظائف الأعضاء.

والأخطر من ذلك أن بعض الخلايا قد تتحايل على هذا النظام الدفاعي، فتواصل الانقسام بشكل غير طبيعي، مما قد يسهم في تطور السرطان.

عوامل تسرّع تقلص التيلوميرات

الإجهاد التأكسدي:  يحدث عندما تزداد الجذور الحرة في الجسم، وهي جزيئات غير مستقرة تنتج بسبب التلوث، التدخين، وسوء التغذية. هذه الجذور تهاجم الخلايا والتيلوميرات، مما يسبب تلفها ويجعلها تتقلص بسرعة أكبر، مما يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة وضعف الأنسجة.

الالتهابات المزمنة:  تؤدي الأمراض الالتهابية مثل السكري وأمراض القلب إلى انقسام الخلايا بوتيرة متسارعة، ما يستهلك التيلوميرات بسرعة أكبر.

التوتر المزمن : يؤدي ارتفاع مستويات هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول، إلى تسريع تدهور التيلوميرات، مما قد يسرّع عملية الشيخوخة.

نمط الحياة غير الصحي: قلة النوم، التدخين، سوء التغذية، وعدم ممارسة الرياضة جميعها عوامل تسهم في تقصير التيلوميرات.

كيف نحافظ على التيلوميرات لفترة أطول؟

🏃‍♂️ ممارسة الرياضة – تساعد التمارين البدنية في تقليل التوتر وتعزيز صحة الخلايا.
🥗 تناول مضادات الأكسدة – الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، مثل الفواكه والخضروات، تحمي الخلايا من التلف.
🧘‍♀️ إدارة التوتر – تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل واليوغا، تساهم في تقليل تأثير الضغط النفسي على الخلايا.
💤 النوم الجيد – الحصول على قسط كافٍ من النوم يساعد الجسم في إصلاح التيلوميرات وتقليل التلف الناتج عن الإجهاد.

في النهاية، يمكن تشبيه التيلوميرات بالساعة البيولوجية التي تنظم عمر خلايانا، حيث يحدد نمط حياتنا سرعة هذه العملية. ورغم أننا لا نستطيع إيقاف الزمن، يمكننا بلا شك إبطاء تأثيره على أجسامنا من خلال تبني أسلوب حياة صحي ومتوازن.

إن العناية اليومية بالجسم، من خلال التغذية السليمة، وممارسة النشاط البدني المنتظم، وتقليل التوتر، تؤدي دورًا أساسيًا في حماية التيلوميرات، مما ينعكس إيجابيًا على حيوية الجسم لفترة أطول.



للّإطلاع على المصدر: 

M. A. Shammas, “Telomeres, lifestyle, cancer, and aging,” Current Opinion in Clinical Nutrition & Metabolic Care, vol. 14, no. 1, pp. 28–34, Nov. 2010, doi: https://doi.org/10.1097/mco.0b013e32834121b1.

احصل على إشعار لكل مقال جديد!