
الوقود الحيوي هو مجال واعد لاستبدال الاعتماد على النفط التقليدي، ويُنتج من مصادر نباتية أو عضوية قابلة للتجدد مثل الطحالب (algae) أو الكتلة الحيوية من النفايات (waste biomass).
من أشهر أنواعه الديزل الحيوي، الذي يُصنّع غالبًا من زيوت الطهي المستعملة بعد إعادة تدويرها، أو حتى من نباتات غير متوقعة مثل الجاتروفا، وهي نبتة برّية تنمو في البيئات القاحلة.
نبتة الجاتروفا تتحمّل الجفاف وفقر التربة، وتُزرع في الأراضي الهامشية التي لا تصلح للزراعة. تحتوي بذورها على نسبة عالية من الزيت (30–40%)، وهو ما جعلها مصدرًا محتملاً لإنتاج الوقود الحيوي دون منافسة مع المحاصيل الغذائية.
عملية إنتاج الوقود منها بسيطة نسبيًا:
- تُجفف البذور وتُعصر لاستخلاص الزيت.
- يُخلط الزيت بكحول (مثل الميثانول) مع مادة محفّزة.
- يتغيّر تركيب الزيت الكيميائي فيتحوّل إلى وقود مشابه للديزل، مع مادة ثانوية هي الجليسرين.
- يُفصل الوقود ويُنقّى ليُصبح جاهزًا للاستخدام في المحركات.
خلال العقد الأول من الألفية، تم الترويج للجاتروفا على أنها "محصول المستقبل" للطاقة المتجددة: تنمو في تربة فقيرة، لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، وتنتج زيتًا بكمية كبيرة. هذه الصورة الجذابة دفعت إلى استثمارات كبيرة، وزُرعت مساحات شاسعة منها في أفريقيا وآسيا، على أمل إنتاج وقود رخيص ومستدام دون المساس بالأمن الغذائي.
لكن الواقع كان مختلفًا. رغم قدرة الجاتروفا على التكيّف مع الظروف القاسية، إلا أن إنتاجيتها بقيت منخفضة، واحتاجت إلى مياه وعناية زراعية أكثر مما أُعلن. كما أن زراعتها على نطاق واسع جعلتها تدخل في منافسة مباشرة مع الزراعة الغذائية، بخلاف ما كان يُروَّج. الكثير من المشاريع واجهت صعوبات تقنية وإدارية، وتراجعت أو أُغلقت تمامًا.
المشكلة لم تكن في الجاتروفا نفسها، بل في استعجال الاستثمار دون بحث علمي كافٍ. لم يتم إجراء دراسات كافية عن احتياجات النبات، ولم تُستأنس أو تُحسَّن كما تُحسَّن المحاصيل الزراعية الأخرى. ظلت نبتة برية تُزرع كما هي، دون فهم دقيق لسلوكها أو تطوير لأصناف أكثر إنتاجًا.
اليوم، تُستخدم تجربة الجاتروفا كمثال واضح على أهمية التحقّق العلمي قبل التوسّع الاستثماري. فقد أظهرت هذه التجربة أن الزراعة من أجل الطاقة لا يمكن أن تنجح اعتمادًا على خصائص نبات واحد، بل تحتاج إلى بحث معمّق، وفهم بيئي، وتخطيط زراعي، ومشاركة مجتمعية حقيقية.