هل يمكن للنباتات أن تنقذ هواء سوريا؟

هل يمكن للنباتات أن تنقذ هواء سوريا؟

حيوية | July 16, 2025 بواسطة أميرة خليل

أميرة خليل
أميرة خليل
منذ يوم
مشاركة:
هل يمكن للنباتات أن تنقذ هواء سوريا؟

بعد سنوات من الصراع، لم تخلّف الحرب في سوريا دمارًا في البنية التحتية فقط، بل تركت آثارًا بيئية عميقة، أبرزها تلوّث الهواء. هذا الهواء بات محمّلًا بالغبار، والمعادن الثقيلة، والمواد الكيميائية الناتجة عن الانفجارات، وحرائق الوقود، والانهيارات الصناعية. ومع مرور الوقت، تسرّبت هذه الملوّثات إلى الهواء الذي يتنشّقه السوريون يوميًا، مما تسبب في زيادة الأمراض التنفّسية مثل الربو، التحسس، وأمراض القلب والرئة.

هناك حل بسيط… وذكي: النباتات

 وسط هذا الواقع، تبرز تقنية المعالجة النباتية (Phytoremediation) كأحد الحلول الذكية والمستدامة لمعالجة التلوث البيئي. المعالجة النباتية ليست مجرد "زراعة خضراء"، بل تقنية بيئية متقدّمة تعتمد على استخدام نباتات مختارة،  وأحيانًا معدّلة وراثيًا، لقدرتها على امتصاص، أو تثبيت، أو تفكيك الملوّثات في البيئة، سواء في الهواء أو التربة أو المياه. تُعدّ هذه التقنية واحدة من أكثر الوسائل الواعدة في ترميم البيئات الملوثة، نظرًا لانخفاض تكلفتها وفعاليتها على المدى الطويل.

 كيف تعمل النباتات على تنقية الهواء؟ 

في حالة تلوث الهواء، تعتمد المعالجة النباتية على عدة آليات بيولوجية:

  • امتصاص الغازات السامة: بعض النباتات تمتص مركبات عضوية متطايرة (VOCs) مثل البنزين والفورمالديهايد من خلال المسامات الموجودة على سطح أوراقها.
  • التقاط الجسيمات الدقيقة: أوراق النباتات، خاصة ذات الأسطح الخشنة أو المشعّرة، تلتقط جزيئات الغبار والمعادن الثقيلة العالقة في الهواء.
  • إفراز إنزيمات لتحليل الملوثات: بعض الأنواع النباتية تفرز إنزيمات قادرة على تفكيك مركبات كيميائية معقّدة إلى مواد أقل ضررًا.
  • زيادة الأكسجين والرطوبة: النباتات تُحسن جودة الهواء بشكل عام من خلال زيادة محتوى الأكسجين وتقليل درجات الحرارة والرطوبة العالية في المدن.

كيف يمكن استخدام هذه التقنية في سوريا؟

1. ممرات خضراء في المدن المدمّرة
زراعة نباتات منقّية للهواء على امتداد الشوارع والمناطق السكنية المدمّرة، لامتصاص الملوثات وتحسين نوعية الحياة تدريجيًا.

2. أسطح خضراء للمباني
تحويل أسطح المنازل والمدارس إلى مساحات خضراء مزروعة بنباتات تمتص المركبات السامة وتقلل من حرارة المدن المكتظة.

3. إعادة تأهيل المناطق الصناعية
في المناطق التي كانت تحتوي على مصانع أو مخازن أسلحة، يمكن استخدام أنواع نباتية مقاومة للسموم والمعادن الثقيلة لتنقية الهواء والتربة.

4. دمج النباتات في إعادة الإعمار
تصميم الأحياء الجديدة لتكون صديقة للبيئة، باستخدام نباتات محلية أو مُعدّلة وراثيًا ضمن الأرصفة، الجدران الخضراء، والساحات العامة.

5. مبادرات مجتمعية بسيطة
تشجيع السكان على زراعة نباتات على الشرفات والنوافذ… لتحويل الأحياء إلى "فلاتر حية" تُسهم في تنقية الهواء على نطاق واسع.

رغم كل مزاياها، تبقى المعالجة النباتية بطيئة نسبيًا مقارنةً بالحلول الهندسية كأنظمة تنقية الهواء الصناعية. لكنها منخفضة التكلفة، آمنة ولا تنتج نفايات ثانوية خطيرة، مستدامة، وتُسهم في تنشيط النظام البيئي.

في بلد مثل سوريا، يعاني من تلوّث ما بعد الحرب ونقص الموارد، تُعدّ المعالجة النباتية خيارًا ذكيًا وأخضرًا. إنها ليست حلًا سحريًا فوريًا، لكنها وسيلة عملية وطويلة الأمد لإعادة التوازن البيئي وتحسين صحة السكان، باستخدام أدوات الطبيعة ذاتها.

احصل على إشعار لكل مقال جديد!